السيرة الذاتية
المولد والنشأة:
ولدت الدكتورة نورة في بيت علم في مدينة عنيزة في القصيم في المملكة العربية السعودية عام 1373هـ، ونشأت وتربت في هذا البيت الذي حرص ربانه والدها – أمد الله في عمره - معالي الدكتور عبدالله العلي النعيم على تربية أبنائه تربية صالحة في بيئة علمية. وذكرت ذلك في آخر ماكتبته عنه في نشرة جسور التي تصدر عن مركز الشيخ حمد الجاسر: " عبدالله بن علي النعيم الأب المربي المعلم" أبرزت فيه الدور الذي اسهم به في حياتها والأثر الذي تركه فيها.
مراحل التعليم:
التحقت بمدرسة تعليم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، بعدها التحقت بمدرسة أهلية لمحمد الخضير يرحمه الله واستمرت هناك عدة سنوات، ثم التحقت بمدرسة " المبرة" للبنات وهي مدرسة بنات الملك سعود رحمه الله.
حصلت على الشهادة الثانوية (علمي) ثم تزوجت من ابن عمها المرحوم بإذن الله المهندس صالح العبد الله النعيم ورافقته إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث دخلت مدرسة حكومية. وبعد عودتها إلى وطنها في المملكة العربية السعودية أكملت الدراسة بجامعة الملك سعود وحصلت على درجة البكالوريوس في الآداب من قسم التاريخ عام 1403هـ.
المجال الوظيفي والتعليم العالي:
تعينت معيدة في قسم التاريخ بجامعة الملك سعود، ودرست فيه دراسات عليا فحصلت على درجة الماجستير في الآداب تخصص تاريخ قديم عام 1409هـ وكان عنوان رسالتها " الوضع الاقتصادي في الجزيرة العربية من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي" بعدها ترقت إلى " محاضر"، وواصلت دراستها للدكتوراه فحصلت على درجة الدكتوراه في نفس التخصص عام 1418هـ وعنوان الرسالة " التشريعات في جنوب غرب الجزيرة العربية حتى نهاية دولة حمير" وكل الرسالتين تحت إشراف عالم الآثار الجليل أ.د. عبدالرحمن الطيب الأنصاري - رحمه الله وكتب أجره- وكلتاهما منشورتان في كتابين يعدّان من الكتب القيمة في موضوعهما؛ فالأول نُشر في عام 1412هـ والثاني نشر عام 1420هـ، وحينما نفدت النسخ، وكثر الطلب عليهما أعادت نشر كتاب الوضع الاقتصادي في عام 2021م من قبل دار ملامح للنشر والتوزيع .
ترقت إلى أستاذ مساعد في قسم التاريخ بالجامعة ومن ثم واصلت البحث العلمي وحصلت على درجة أستاذ مشارك واستمرت في عملها البحثي للترقية إلى رتبة أستاذ وأنجزت جميع الأبحاث المطلوبة لهذه الترقية لكن القدر لم يمهلها للتقديم للحصول عليها رحمها الله .
الإنتاج العلمي:
كانت رحمها الله تعشق التاريخ عامة وتاريخ الجزيرة العربية خصوصًا تاريخها القديم بحكم تخصصها الدقيق. وكانت كثيرا ما تجد نفسها ما بين مصادر التاريخ القديم والمصادر الإسلامية.
كانت رحمها الله تعشق تاريخ الجزيرة العربية القديم وتاريخ اليمن بصورة خاصة وعلاقاتها الخارجية وقد نشرت لها أبحاث متنوعة تناولت علاقات الدولة الساسانية بالجزيرة العربية نذكر منها: "علاقة الدولة الساسانية بالإمارات العربية في جنوب وادي الرافدين والهلال الخصيب"، سلسلة مداولات علمية محكمة للقاء السنوي لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المجلد 13(2012م)؛ و"علاقة الدولة الساسانية بجنوب الجزيرة العربية منذ القرن الثالث حتى القرن السابع الميلاديين 200 -700م" مجلة الخليج للتاريخ والآثار العدد 11 (2016م)؛ و"علاقة الدولة الساسانية مع قبائل شرق ووسط الجزيرة العربية في القرنين الخامس والسادس الميلاديين"، مجلة المؤرخ العربي العدد 25 (2017م) ؛ و"علاقة الدولة الساسانية بمدن الحجاز "يثرب– مكة"، مجلة المؤرخ العربي العدد 30 المجلد الأول( 2022م)، القاهرة. وكانت رحمها الله تعتزم جمع هذه الأبحاث وأبحاث أخرى قيد النشر لنشرها في كتاب عنونته "علاقات الدولة الساسانية بالجزيرة العربية".
كانت رحمها الله معدودة في علماء تاريخ الجزيرة العربية القديم وكتاباتها، ومن الحُذّاق في قراءة نصوص الخط المسند الجنوبي وقراءته وتحليله واستنباط الحقائق التاريخية من مضامين نصوصه. متخصصة تخصصا دقيقاً في تاريخ اليمن قبل الإسلام والكتابة المسندية التي كانت سائدة في اليمن قبل الإسلام فكانت متقنة لقراءة النقوش المسندية تتميز بقدرتها العلمية والبحثية ولها جهود تذكر لها وتشكر عليها، ومن أبرز أبحاثها التي ركزت فيها على دراسة النقوش : "نقوش العقلة دراسة تاريخية"، مجلة العصور المجلد 5 (1410هـ). و"النسب إلى الأم في جنوب الجزيرة العربية في ضوء الدراسات السابقة/ محاولة جديدة للدراسة في ضوء النقوش"، مجلة جامعة الملك سعود، كلية السياحة والآثار 25 (1434هـ).
كتبت عن تاريخ بلدها القصيم قبل الإسلام بحثا عنوانه "تاريخ القصيم: عصور ما قبل الإسلام"، في كتاب موسوعة المملكة العربية السعودية، الرياض: مكتبة الملك عبدالعزيز العامة( 1428هـ). ولها عن شرق الجزيرة العربية بحث عنوانه: "الكلدانيون في شرقي الجزيرة العربية"، أدماتو، المجلد 24 (1432هـ). وبحث عن نجران "الحالة الدينية في نجران قبل الإسلام"، أدماتو 29 (1435هـ). وعن الحيرة "سفارة عمرو بن هند (ملك الحيرة) إلى بلاط الإمبراطور جستين الثاني حسب راوية المؤرخ البيزنطي منندار (Menander)" ، الجزيرة العربية واليونان وبيزنطة، تحرير عبدالعزيز الهلابي ودمتريوس لتسيوس ومشلح المريخي وعبدالله العبدالجبار، الرياض: جامعة الملك سعود(1433هـ).
يتصل بإنتاجها العلمي جهودها في الترجمة إلى اللغة الإنجليزية ومنها إلى العربية وكانت تترجم وتراجع وتعلق على الكتب المترجمة وكانت متقنة ذلك إلى حد كبير وقد علقت على كتاب أميانوس ماركيللينوس والجزيرة العربية، الذي ترجمه فايز يوسف، وإشراف وتحرير عبدالله العبدالجبار، ونشرته دارة الملك عبدالعزيز عام 1439هـ.
مكتبتها الخاصة:
عكفت على شراء الكتب منذ نعومة أظفارها فتكونت لديها مع الوقت مكتبة عامرة بذخائر العلوم المختلفة وخصوصا التاريخ بمختلف حقبه وميادينه بلغتها الأم وباللغة الإنجليزية والألمانية وسواهما من اللغات الحية وفيها من الدراسات النادرة وتقارير البعثات الأثرية العالمية فكانت تقضي فيها معظم أوقاتها، وتستقبل فيها طالباتها وتطبع لهن وتنسخ ما يفيدهن، وتعيرهن مايحتجن إليه من المراجع.
كانت منتظمة في حضور الملتقيات العلمية السنوية التاريخية والآثارية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها منها: ملتقيات الجمعية التاريخية السعودية والجمعية الآثارية السعودية وجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي واتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة وملتقى دراسات الجزيرة العربية في لندن "Seminar for Arabian Studies " وكانت رحمها الله إذا وجدت كتباً تفيد طالباتها لا تتردد في شرائها بمختلف اللغات. فكانت تزودهن بما يحتجن إليه من المصادر والمراجع عربية وأجنبية، وكثيرا ما كانت تترجم لهن النصوص ذات العلاقة بموضوعات رسائلهن حتى لا تثقل عليهن بتكاليف الترجمة، فضلا عن كونها لا تثق بالمترجمين الذين عادة ما يترجمون للطالبات ترجمة حرفية مما لا يفي بالمعنى والمبنى ولا يفيد الباحث المتخصص في التاريخ إفادة دقيقة فكانت رحمها الله قدوة في الارشاد العلمي السديد والدقة في الإشراف على رسائل طالبات الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه.
المهارات اللغوية:
كانت تجيد اللغة الإنجليزية تحدثا وكتابة، وكانت هي من يُعَوَّل عليها في ترجمة وتدقيق عناوين رسائل طالبات الدراسات العليا من العربية إلى الإنجليزية. وقد رُشحت رحمها الله لعضوية هيئة تحرير مجلة دراسات في تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها، وهي مجلة تصدر باللغة الإنجليزية عن مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها.
التدريس والإشراف العلمي والمناقشات:
دأبت على حب العمل والإخلاص فيه لما تمتلكه من مهارات إدارية فذة والمحافظة على الوقت واحترام النظام والاهتمام بالواجبات التدريسية درست العديد من المقررات الدراسية في مرحلة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. كانت تدرس طالباتها في مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا بتفانٍ وإخلاص، وهن شَهِدن لها بذلك .
كانت - رحمها الله – تشرف على خمس رسائل علمية في الماجستير والدكتوراه، وحتى في أثناء مرضها لم ينقطع إشرافها على رسائل الماجستير والدكتوراه لطالباتها الخمس كانت تتواصل معهن وتوجههن وتقرأ ما يكتبن، وتصحح لهن.
شاركت في مناقشة الرسائل العلمية داخل جامعة الملك سعود وخارجها. وقد تحاملت الدكتورة نورة - رحمها الله - على نفسها في مرضها الأخير فناقشت رسالة ماجستير في جامعة الملك سعود، وأخرى في جامعة الملك فيصل في شهر رمضان المبارك.
الأعمال الإدارية:
عملت الدكتورة نورة بوكالة قسم التاريخ عام 1419 هـ ، وكانت تحرص على تنفيذ مصالح الطالبات، وتسيير العمل على أكمل وجه من العدل والإنصاف مع الحفاظ على المصلحة العامة، كانت صاحبة قرار لا تأخذها في الحق لومة لائم، كانت تحرص على مصلحة الطالبات ومراعاة ظروفهن ، وتحقيق أقصى ما تستطيع تحقيقه من مطالبهن بما لا يتعارض مع المصلحة العامة. وقد استمرت وكيلة للقسم ثلاث سنوات متتالية.
وفي سنة 1427هـ عملت برئاسة وحدة الجودة والتطوير في كلية الآداب، فعملت بها بإخلاص وجد فكانت الجودة معلماً بارزاً في عملها، وكانت تتقن أعمال الجودة في القسم والكلية وتأخذ معها أحمالا من ملفات الجودة إلى بيتها لمراجعتها، واستمرت فيها لثلاث سنوات متتالية أيضاً.
عملت بعدها بوكالة كلية الآداب في عام 1430 هـ وكانت ناجحة جدا في وكالتها للكلية، فعملت جاهدة للوصول بالكلية إلى التميز، ولم تنته فترة وكالتها إلا والكلية منفذة جميع متطلبات الاعتماد الأكاديمي، وقد تحقق لها ذلك. وقد أهلتها نجاحاتها في الإدارة الجامعية إلى ترشيحها مرة أخرى لوكالة القسم في عام 1433هـ وقد قبلت الترشيح مكرهة؛ لأنها كانت قد عزمت على العزوف عن العمل الإداري للتفرغ لأبحاثها، ولكنها أمام ضغط إدارة القسم لم تستطع المقاومة وقبلت، واستمرت في وكالة القسم لسنتين حتى نهاية سنة 1435هـ.
الجوائز العلمية:
بلغ من حبها للعلم عامة، وللتاريخ والآثار خاصة أن شرعت بمساندة من أخيها وأخواتها في تأسيس جائزتين باسم والدها؛ الأولى في جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي وعنوانها: جائزة عبد الله النعيم لخدمة تاريخ الجزيرة العربية وآثارها. أما الثانية في اتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة وعنوانها: جائزة عبد الله النعيم لخدمة تاريخ الوطن العربي وحضارته. وكانت تحرص على حضور الملتقيات السنوية الخاصة بتوزيع الجوائز لتقلد الفائزين، وتبارك فوزهم، وهي تمثل والدها في تلك الملتقيات خير تمثيل.
الأعمال الخيرية والتطوعية:
للدكتورة نورة - رحمها الله - قدم راسخ في الأعمال الخيرية والتطوعية أذكر منها مثالا واحدا فقط يحتذى وهو عضويتها في مجلس إدارة الجمعية السعودية لمتلازمة داون " دسكا " فكانت عضو مؤسس لها، تحرص على حضور اجتماعاتها وعادة ما تعقد يوم الاثنين وهي صائمة فتأخذ ما يتيسر لها من التمر لتفطر عليها وهي في طريقها لحضور اجتماع مجلس الإدارة وكان هذا ديدنها حتى توفيت رحمها الله وهي عضو فاعل في مجلس الإدارة.
الوفاة:
انتقلت الدكتورة نورة بنت عبد الله النعيم إلى رحمة الله بعد ظهر يوم الاثنين في الثامن من شهر الله المحرم الحرام من عام 1443هـ الموافق 16 أغسطس 2021م.
الكتب التذكارية:
صدرت ثلاثة كتب تذكارية للدكتورة نورة بنت عبد الله النعيم بعد وفاتها:
الأول: الدكتورة نورة النعيم رمز الأخلاق والإحسان والعلم والعمل بأقلام نخبة من أسرتها وزميلاتها وزملائها وتلميذاتها ومعارفها، تحرير جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي، ونشر جائزة معالي الدكتور عبد الله العلي النعيم لخدمة تاريخ الجزيرة وآثارها، الرياض 1433هـ/ 2022م.
الثاني : بحوث محكمة في تاريخ الجزيرة العربية القديم ، تحرير: أ.د. عبدالله العبدالجبار و أ.د. إلهام البابطين و أ.د. سلمى هوساوي و أ. سامية العتيبي، دار نشر جامعة الملك سعود: الرياض 1444هـ/ 2022م.
الثالث: دراسات في تاريخ الجزيرة العربية وآثارها ، تحرير: أ.د. إلهام البابطين و د. أحمد محمد عبيد: دار ملامح : الإمارات العربية المتحدة 1445هـ/ 2023م.
في الختام نسأل الله أن يتقبل الدكتورة نورة بنت عبد الله النعيم قبولا حسنا وأن يعظم لها الأجر والمثوبة على كل ما قدمت وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.